

MOHAMMED ALGANSI
1323898
سرداب الكنيسه
قد كانت السراديب في حياة الكنيسة - إبان عصر الاستشهاد - تمثِّل ركناً مهماً في الحياة الروحية التي عاشها المسيحيون الأوائل. كانت هذه السراديب تُستخدم أصلاً كمدافن تحت الأرض أو في أعماق الجبال. بدأ استعمالها كمدافن يُودِع فيها المسيحيون رفات شهدائهم وموتاهم. وقد بدأ انتشارها في روما ثم انتقلت فكرتها إلى نابلس ومالطة وسيسليا والإسكندرية وباقي مدن الإمبراطورية الرومانية.
إلاَّ أن استعمالها لم يقتصر على ذلك فقط، بل تعدَّاها إلى اعتبارها ملجأ للمسيحيين الذين كانت السلطات الوثنية تطاردهم، ثم كأماكن مقدسة للعبادة الجمهورية وسط رفات الشهداء وأجسادهم الطاهرة، أماكن مناسبة يمكن أن يتنسموا فيها، لا رائحة الموت، بل رائحة الأبدية والخلود، وكمجال خصب يشتاقون فيه إلى الحياة الأخرى الباقية إلى الأبد.
لقد أُنشئ بعض هذه السراديب منذ عصر الرسل، ولكن معظمها أُنشئ خلال الأجيال التي تلت العصر الرسولي حتى القرن الثالث حين تملَّك قسطنطين الملك وأعلن المسيحية ديانة مسموح بها في الدولة الرومانية، وأمر ببناء الكاتدرائيات الشامخة ذات القباب والمنارات العالية، فخَفَتَتْ المسيحية الأولى المناضلة التي ترعرعت وازدهرت من تحت نير الصليب في مواجهة الموت ووسط ظلمة السراديب المؤدية إلى أنوار الحياة الأبدية.





